المحور الأول: التفكير الفلسفي يقوي العقل
ويطور التفكير
1- مفهوم الفلسفة: الفلسفة تعني (
محبة الحكمة), وهي ذلك النمط من
النظر العقلي المحض والتفكير القائم على الاستدلالات المنطقية والبرهانية..حول
موضوعات وقضايا كلية وراهنة.
2- مفهوم العقل: العقل جوهر مجرد عن المادة في ذاته, مقارن لها في فعله, وهي
النفس الناطقة التي يشير إليها كل أحد بقوله: أنا.
( التعريفات للجرجاني ص 136).
وقيل: العقل والنفس والذهن واحد, إلا أنها سميت عقلا
لكونها مدركة, وسميت نفسا لكونها متصرفة, وسميت ذهنا لكونها مستعدة للإدراك.وقيل
محله الرأس وقيل القلب, وهو مأخوذ من عقال البعير, يمنع ذوي العقول من العدول عن
سواء السبيل( التعريفات ص136).
تضم الفلسفة نتاج التأمل والتساؤل والتفكير... وتطرح
مجموعة من الأسئلة الوجودية من قبيل: من أنا؟ من خلقني؟ من خلق الكون؟ لماذا خلقت؟
ما المطلوب مني؟ ما مصيري؟ هل أنا مسير أم مخير؟ ما معنى الحياة والموت؟ ما
الحقيقة وأين هي؟.... وتبحث عن إجابات عنها انطلاقا من إعمال العقل المجرد المحض,
بعيدا عن الحس والقلب والشرع, ليكون خالصا مجردا..
المحور الثاني: المنهج الفلسفي الموضوعي وأثره
في ترسيخ الإيمان
العقل يسمى بذلك لأنه يعقل صاحبه ويربطه ويمنعه من
الانحراف عن الجادة والعمل الصالح, والعقل هو الذي يميز الإنسان عن الحيوان, لأنه
هو القوة المدركة عنده, وبه يعرف حقائق الأشياء, ويميز بين الحسن والقبيح. وبما أن
العقل يحتل هذه المنزلة عند الإنسان وجدنا الإسلام يدعونا إلى الاستفادة من هذه
الموهبة الإلهية, وإلى استغلال العقل لما فيه خيرنا وخير الإنسانية كلها.
وهكذا نرى القرآن الكريم يثني على الذين يعقلون, ويذم
الذين لا يستعملون عقولهم, قال تعالى: ( قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون) آل
عمران 118. وقال جل شأنه: (ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون) العنكبوت 35.
ومن ذمه للذين لا يستعملون عقولهم قوله تعالى ( إن شر
الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون) الأنفال 22.
- العقل عند الفلاسفة وفي القرآن الكريم
القرآن لا يعتبر العقل جوهرا منفصلا, بل هو عملية تتشارك
فيها قوى الإنسان الإدراكية المختلفة, فيتحدث عنه بما هو فعل للقلب. فهذا الأخير
هو مركز التفكر والإيمان والشعور والإحساس, قال تعالى: ( أفلم يسروا في الارض
فتكون لهم قلوب يعقلون بها )الحج 44. وبالتالي فالعقل متعدد المراتب بحسب أحوال
القلب.
ونجد أن غاية النظر في القرآن الاعتبار وإدراك الأسرار
للوصول إلى اليقين الراسخ. ويتأسس هذا النظر على ثلاث قواعد: * فطرية
الإيمان قال تعالى ( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها) الروم
29.
- قابلية الإيمان للتعقل: فقضايا الدين قابلة للتعقل إما بالدليل المجرد أو العقل المؤيد بالوحي.
- تأسيس النظر الملكي على النظر الملكوتي, فعالم الملك هو عالم الظواهر, وعالم الملكوت هو عالم الغيب.
قال تعالى(ولله ملك السماوات والأرض)المائدة19.
قال تعالى( وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض)الأنعام76.
المحور الثالث: لا تعارض بين الفلسفة الراشدة
والإيمان الحق
تدرس الفلسفة ثلاثة مباحث كبرى:
- مبحث
الوجود: وأسئلته الكبرى :
ما طبيعة الوجود؟ ما مصدره وما مصيره؟
- مبحث
المعرفة: فيتساءل عن
المعرفة, هل هي ممكنة أم مستحيلة؟ وما وسائلها: الحواس أم العقل أم الحدس أم شيء
آخر؟ وما حدود المعرفة البشرية وهل هي مطلقة أم نسبية؟
- مبحث
القيم: وهي الحق والخير
والجمال. والعلوم المهتمة بها: علم المنطق وعلم الأخلاق وعلم الجمال.
ونلاحظ أن القرآن قد عالج القضايا التي تتناولها الفلسفة
وأجاب عنها إجابات شافية لا تترك للعقول مجالا للحيرة أو الريب.